الحرية لطلّ الملوحي

 

المدوّنة السورية طل الملوحي

طلّ الملوحي مدوّنة سورية عمرها اليوم 19 عام، اعتقلتها أجهزة الأمن السورية في كانون الأول 2009 على خلفية مقالات لها على مدوّنتها (مدوّنة ثانية لطلّ على هذا الرابط) ولم تُعرف حتى اليوم تهمتها ولم يُقام لها أي محاكمة فيما مُنع أهلها حتى الأسبوع الماضي من رؤيتها أو الاتصال بها، كما أنه هنالك أنباء عن وفاتها تحت التعذيب.

بعد الكشف عن قضيّة طلّ بدأت الأجهزة الأمنية بفبركة الادعاءات الكاذبة حول ظروف اعتقالها، فمن قولهم أنها متورطة بقضايا استخبارية لصالح جهات خارجية تهدّد الأمن القومي من دون أن يذكروا ما هي هذه الاتصالات وما هي هذه الجهة الخارجية (للتذكير، طل كانت بالكاد أنهت دراسة الثانوي المدرسية حين اعتقلت)، إلى قولهم أن تهمتها هي علاقات جنسية غير شرعية (نعم وصلت حقارة الأجهزة الأمنية إلى هنا) بالرغم من مرور عام على اعتقالها من دون توجيه تهمة (فما هذه العلاقة الجنسية التي تحتاج لعام للتحقيق بها تحت التعذيب في أقبية أمن الدولة؟).

حادثة الاعتقال المذكورة ليست الأولى من نوعها وعلى الأرجح أنها ليست الأخيرة، ففي السنوات الماضية تعرّض عشرات من المدوّنين وأصحاب المنتديات الالكترونية في سوريا للملاحقة والاستجواب والسجن، معظمهم بقيوا مجهولي الأسماء فيما عُرف البعض منهم مثل المدوّن كريم عربجي.

وللأسف فإننا بعد عام على تدوينتنا المتضامنة مع المدوّن عربجي، وتلك الرافضة لاعتقال الموقعّين على إعلان دمشق، نرى أنه لم يتغيّر شيء وأن نفس الكلام الذي كتبناه في تلك المقالات لا يزال صالح تماماً لوصف الحالة اليوم، وها إننا نعيده للمرة الثالثة، فالتكرار يعلّم… الحمار (ونعتقد أن القارىء استنتج من نقصد بالحمار هنا).

إن رصيد الاحترام الذي يحظى به النظام في سوريا بسبب مواقفه الممانعة والمواجهة للاحتلال في العالم العربي، لا يعني أنه يمكن السكوت عن ممارساته حين يعتدي على الحقوق والحرّيات، ولا يبرّر له أبداً سجن مواطنيه بتهمة التعبير عن قناعاتهم. وإن كان هنالك معركة مشتركة إلى جانبه ضدّ الفتنة والتقسيم والمخططات الهادفة لاستعباد وتفتيت المنطقة، فإن ذلك لا يعني أننا سنعفيه من المواجهة حين يتعلّق الأمر بالحريّة وبالدفاع عن حقّ أي مواطن بالتعبير عن أفكاره.

متى سيفهم النظام أن اللذين يشكّلون خطراً على سوريا ليسوا أولئك الشبّان والشابات الشجعان الذي يعبّرون عن رأيهم علناً وبكلّ جرأة على الصفحات الالكترونية ويبشّرون أبناء بلادهم بمستقبل قوي مبدع يشبههم، بل هم الموظفون الفاسدون والوزراء والسياسيين ورجال السلطان وكهنة البلاط اللذين يتمتّعون بإذلال مواطنيهم ويتآمرون كل يوم على مصلحة المواطن ومعيشته، هم اللذين يدعون كل يوم للفتنة والتفرقة الدينية والاثنية والمناطقية بين أبناء البلد الواحد واللذين يجبرون أبناء بلدهم على رؤية الدولة على أنها مجرّد جهاز أمني قمعي وطبقة مغلقة من المنتفعين المتزلّفين للحكم.

في جميع الأحوال، إن الزنزانة الصغيرة المتسخة التي تقبع فيها طل فيها من الشرف والشجاعة والحرية أكثر بكثير مما يوجد في أفخم القصور الرئاسية، فلنأمل فقط أن تصمد وتخرج منها بسلامة، ومبدعة جريئة كما دخلتها.

إن أراد النظام في سوريا (وكل الأنظمة العربية الأخرى) أن يكون حقاً حامياً لمصالح شعبه ومدافعاً حقيقياً عن شبابه وأحلامهم، فليتعلّم أن الخوف هو عدوّه الأكبر لا الحرية، فليتعلّم أن الشباب المبدعين هم زاد المجتمع وجوهر قوّته وليسوا أعدائه ولا منافسيه على الكراسي، فليطلق سراح طل الملوحي وكل معتقل دخل السجن بسبب التعبير عن رأيه وليوجّه بوصلته نحو الاتجاه الصحيح، فليطلق سراح الحرية!

وإلا، فلهذه الأنظمة وأوليائها نقول كما قلنا للسلطات السياسية اللبنانية حين حاولت أن تقوم بعمل مماثل: “يا حضرات السلاطين الحالمين بعروش من عصور الظلمة، الديناصورات على أشكالها تقع. تذكروا ذلك جيداً”.

—-

تحديث بتاريخ 15 شباط 2010: علمنا أن محكمة أمن الدولة العليا في دمشق أصدرت حكماً على طلّ بالسجن لمدّة خمس سنوات بتهمة إفشاء معلومات لدولة أجنبية (الولايات المتّحدة). الحكم أتى فيما كان الرئيس السوري بشّار الأسد يتحدّث عن أنه يدرك ضرورة الإصلاح في بلاده، فهل الأصلاح يكون بإطلاق سجناء الرأي أم بإضافة طلّ ابنة السابعة عشر إليهم؟ نِعم هكذا إصلاح.

2 comments

  1. hapy · أكتوبر 3, 2010

    كلماتك آلاف سيوف حادة تستنزف جراثيم الحرية والكرامة الانسانية

    نعم هي البلاد التي خونتها رؤسائها ..
    فهؤلاء من ينطبق عليهم” لعل طهارته مزقت الستائر عن قذارتي فأحزنني ان ارى الستائر التي صرفت عمري في حياكتها ممزقة ومطروحة على الحضيض ”
    كتاب مرداد – ميخائيل نعيمة
    فمن الطبيعي ان يحاربوا هؤلاء الشبان ابواق الحقيقة لانهم امبراطوريو الاكاذيب والنفوس المتضخمة على قش وهراءات ونفاق
    باي بقعة بالارض يتطفلوا .. فالديدان تبقى كذلك حتى تدحضها الشموس .

    دام لنا صوتك وكلماتك الحرة

    • Adon · أكتوبر 6, 2010

      العزيزة هبة،
      أحسنت بتوصيفك، للأسف الشموس غائبة والديدان عم تسرح وتمرح من المحيط للخليج.
      آخر إشاعاتهم ان طل ساعدت على اغتيال ضابط أمني، يعني ما بعرف أي جهاز أمن غبي بيركّب تهمة من هالنوع، فتاة عمرها 17 سنة ومتفوقة بدراستها وعندها تلات مدونّات ولسا بدهم نصدّق انها خانت بلادها أو حتى انو كان معها وقت تجمع معلومات لـ”العدوّ”.
      على أمل دائماً

      سلامي : )

أضف تعليق