وهم المسافة: الوهم الأكبر الذي يحكم العالم العربي
*
طوني صغبيني
*
رغم أننا نتحدّث عن أن العالم أصبح قرية كونية منذ عقدين من الزمن على الأقل، إلا أن الوهم حول المسافات في القرن الحادي والعشرين لا يزال يحكم صناعة القرار السياسي بقوّة، وخصوصاً في العالم العربي.
لا نتحدّث هنا عن المسافات الجغرافية بل المسافة الاقتصادية والسياسيّة المعقّدة التي تفصل عادة بين الاستقرار والخراب لبلد ما وبين المستقبل المشرق والعصور المظلمة. لعلّ الانتفاضات العربية في العام 2011 وما تلاها هي خير معبّر عن سوء تقدير الأنظمة العربية لمسافات عديدة، منها المسافة التي تفصلها عن شعوبها وتلك التي تفصلها عن نهاية صلاحيتها.
الأنظمة العربية بنت أوهامها بنفسها: استمرّت لعقود تنظر في مرآة صنعتها هي، مؤلّفة من الوسائل الإعلامية وأجهزة المخابرات والنوّاب المعيّنين تعييناً، والتي ردّدت جميعها نفس الرسالة حتى بات النظام يصدّق كذبته، ورسالتها كانت: الأمور بخير، النظام مستقر، والأعمال يمكنها أن تستمرّ كالمعتاد إلى ما لا نهاية.
تكاتفت الأنظمة بكتم صوت أي اعتراضات تنشأ هنا وهناك وقلّلت من تقديرها، وعادت بعد كلّ حادثة تكرّر نفس الجملة أمام المرآة: “الأمور بخير”، فيما كان كل شيء يغلي وينهار تحت السطح. Read More