وداعاً يا حرية… أهلاً بقبضاي الشاشة

*   *   *
خلال الأسبوع الماضي خرج ديناصور معروف من الطقم السياسي اللبناني من الصنف المرّ ليعلن أمام وسائل الإعلام أن الأجهزة الأمنية العسكرية لها الحق باعتقال أي صحافي أو كاتب ترى أنه يسيء لسمعتها. مناسبة الكلام هو مقال للصحافي حسن عليق في جريدة الأخبار اللبنانية أزعج “دولته” ودفعه لدعوة مجلس الدفاع الأعلى في البلاد للاجتماع لاتخاذ الاجراءات المناسبة. “القبضاي” التلفزيوني، الذي اكتسب شهرته في وزارة الداخلية في الماضي عبر أكبر حملة اعتقالات لكلّ شاب لبناني يلبس قميصاً أسود بحجّة محاربة “عبّادي الشيطان”، لم يتوان عن وصف الصحافي بأنه “العميل الأوّل لإسرائيل” مباشرة على الهواء، متابعاً الأمر بإستدعاء أمني غير قانوني للصحافي إلى أقبية استخبارات الجيش. هذه التطورات كانت للعديد من الناشطين بمثابة المؤشر الأخير على المآل المؤسف للحريات العامة في لبنان ودفعهم لإعلان الحداد لثلاثة أيام أسفاً على الحرية.
مقتطفات من المقالات حول القضية:
وبحسب مصدر مطّلع، فإنّ عملية الفرار جرت بعد حصول المشتبه فيه على إشارات معيّنة لم يُعرف ما إذا كانت تسريباً مقصوداً أو معلومات وفّرتها له إسرائيل. ذلك أنه عندما تقرر توقيف الجد، أبلغ قائد الجيش العماد جان قهوجي وزير الدفاع إلياس المر بالأمر، فطلب الأخير التمهّل لبعض الوقت، لكنّ الجد سافر في اليوم التالي إلى خارج لبنان.
(هذه هي الجملة في مقال الأخبار التي أفقدت الديناصور أعصابه) من تقرير:  الجدّ في السان جورج والعلم في مسرح جريمة اغتيال غانم، حسن علّيق، جريدة الأخبار، عدد الأربعاء 11 آب.
* * *
ربما انتظرت طويلاً قبل التعرف مباشرة على أساليب التحقيق. وأفضل طريقة هي الاختبار المباشر. لكن المزحة السمجة هي في اتهامي بأنني عميل لإسرائيل.
من مقال: بعد 6 ساعات… علبة سجائر للذكرى، حسن علّيق، جريدة الأخبار، عدد الخميس 12 آب 2010.
* * *
أدّى وزير الدفاع إلياس المر، أمس، الدور كاملاً، تلطّى خلف كرامة المؤسسة العسكرية ليحكم بأمره: كل صحافي لا يشاركه الحقيقة بشفافية هو عميل، وكل صحافي يصل إلى معلومة نادرة هو جاسوس. ولتفتح المحاكم العسكرية أبوابها!
(…) العدو يطلق النار على الجنود في العديسة، والاستنفار كان يقود الى حرب جديدة، لكن المر لم يجد الأمر مناسباً لدعوة المجلس العسكري الى الانعقاد، لكنه فجأة تذكر هذه الهيئة لأنه قرأ سطراً في مقالة في صحيفة تشير الى أنه علم بمطاردة العميل الفارّ غسان الجد قبل توقيفه. وليس في الخبر كلمة أو إشارة مباشرة الى أنه مسؤول عن الفرار.
من مقال: يوم حلم الابن المدلّل أن يصبح حاكماً عسكرياً، غسّان سعود، جريدة الأخبار، عدد الخميس 12 آب 2010.
* * *
خطابه ضد الاعلام راح ينحو منحى تصاعدياً حتى وصل إلى المعادلة الغريبة: «إذا كان هناك خرقٌ بضابط أو اثنين أو ثلاثة (صاروا ستة بالمناسبة)، في المؤسسة العسكرية، فلماذا لا يكون هناك خرق في جريدة أو تلفزيون؟ وإذا ضابط خرق فهل الصحافي لا يخرق؟».
ليس بالضرورة أن يُخرق صحافي ما دام ضابط قد خُرق، والعكس صحيح. هذه إجابة على سؤاله. غير أن المسألة ليست هنا، بل في شبهة العمالة التي أشار بها «دولته» الى الصحافيين والتي لا يمكن كشفها عبر القبض، مثلا، على جهاز إرسال أو رقم هاتف او على كشف تقارير للعدو أو حتى بالاعتراف. الشبهة تطال الصحافي بناء على ما يكتبه وما يضمر وراء هذه الكتابة، وما يريده من سوء للوطن من خلال المعلومات التي ينشرها، ومن هو العميل الذي يتلطى خلف الكاتب.
لا أحد يدري ما اذا كان دولته يعرف أنه مارس ترهيباً للإعلام في لبنان لم يعد يمارس حتى في الدول القمعية. ترهيب لا يشفع له.
من مقال: فضّة دولة الرئيس وذهبه، جهاد بزّي، جريدة السفير اللبنانية.
* * *
نحن، مدونيين، صحفيين، وناشطي حقوق إنسان ندين عسكرة الأمة اللبنانية والتجاوز الخطير للسلطات القضائية، السلطة الوحيدة التي لديها الحق بأن تعتقل، تسائل، أو تعاقب أي إنسان على ارض لبنان، ولذلك وإعتراضاً على تلك الإنتهاكات غير القانونية وغير الأخلاقية لحقوق الإنسان، ندعو جميع الاشخاص ذوي الإرادة الحسنة للحداد لمدة ثلاثة أيام على الحريات في لبنان كعمل رمزي لادانة هذه المحاولة الخطيرة جدا لاستهداف حرياتنا.
من بيان أصدره مدونون وناشطو حقوق إنسان، يمكن الإطلاع عليه كاملاً على مدوّنة القضيّة 2769 للناشط نور مرعب.
* * *
يروى الأقدمون، أن أحد الملوك قام بحملة ضد عبّاد الشيطان، لم يسمع بهم أحد قبل أن يأتي، اخترع كذبة، وصدقها، صار جنوده يعتقلون كل من يلبس بنطالاً ممزقاً، أو يسمع موسيقى الهارد روك، والجميع يصفق، ويحملون الملك على الأكتاف، الملك عاد واكتشف شيطاناً آخر، شيطان اسمه حرية الرأي والتعبير، ويريد محاربة عبيد الحرية! هذه المزحة السمجة اللعينة، هذه المزحة التي تفتح المجال لهؤلاء المنحرفين بانتقاد الجلالات والفخامات والسيادات، أخصينا الداخلية، أخصينا القوانين، أخصينا الانتخابات، أخصينا العلاقات والمساعدات والتجهيزات، والآن، سنخصي الحرية.
من مقال: حملة “أوعى يفقع” للدفاع عن حرية الرأي، خضر سلامة، مدوّنة مواطن جوعان.

* * *

معالي الوزير، نبدأ من اليوم خطوة تحذيرية، إضراب عن الطعام لثلاثة أيام من منازلنا هذه المرة حداداً على التراجع المخيف في قيم حرية التعبير في لبنان، على ان نتبعه مباشرة بخطوات على الأرض في حال إستمرت الدولة اللبنانية في إنتهاج هذا النهج المخيف في التعامل مع المواطنين.

إضرابنا اليوم تحذيري، لا يرتبط لك ولا بحسن عليق فقط، إنما بتراجع قيم حرية الرأي والتعبير في لبنان من الإعتقالات المستمرة للنشطاء، الى التعاطي العنيف مع المواطنين أثناء إعتقالهم، الى نشطاء الفايسبوك الأربعة، الى خضر سلامة، الى ماريو ملكون، الى مأمون الحمصي، طاهر بطيلي، سميرة سويدان واللائحة تطول وتطول…

من مقال: من أين تؤكل الكتف، عماد بزّي، مدوّنة تريلا

Add to FacebookAdd to DiggAdd to Del.icio.usAdd to StumbleuponAdd to RedditAdd to BlinklistAdd to TwitterAdd to TechnoratiAdd to Yahoo BuzzAdd to Newsvine