العودة للقبيلة: معضلة الحفاظ على أنفسنا في زمن صراع القبائل

الصورة: ما يجمع ألتراس كرة القدم مع المجموعات السياسية مع العصابات ومع الجيوش هي أنها كلها قبائل بتسميات مختلفة.

*

طوني صغبيني

*

نغيّر العالم بإيجاد مكان لقبيلتنا فيه“، هي خلاصة شخصيّة عبّرنا عنها على مدوّنتنا العام الماضي. المقال بأكمله كان غريباً جداً بالنسبة للعديد من المتابعين إذ كيف يمكن لشخص يعتبر نفسه تحررياً ويقف ضد كل العفن الذي يتحكّم بمجتمعاتنا أن يدعو للانتماء لقبيلة؟

وُجّه ذلك السؤال إلي في بضعة رسائل خاصة كما قرأت تعليقات أخرى تستغرب طروحات المقال تماماً وتعتبرها متناقضة مع فكرة التحرّر وتغيير العالم للأفضل. فهل هنالك حقاً من تناقض؟ هذا ما أريد أن أتحدّث عنه اليوم.

*

القبيلة كشتيمة

ليس هنالك من غرابة أبداً في ردّة الفعل السلبية عند سماع كلمة “قبيلة” في عالمنا العربي. هنالك أزمات هائلة تسبّبها انتماءاتنا وعاداتنا العشائرية؛ نحن نتحدّث هنا عن دوّامات العنف العبثية، تحجّر ثقافي واجتماعي هائل، قمع النساء بحجّة شرف القبيلة، قيود لا تطاق على حرياتنا الشخصية وتضييق خانق على خياراتنا العاطفية والمهنية والثقافية. عشائرنا العائلية والطائفية والمناطقية تفضّل أن يكون أعضاؤها مومياءات محنّطة في تراث عفن على أن يكونوا أشخاص أحرار على قيد الحياة.

لهذا السبب “العشائرية” في مجتمعنا المعاصر هي بنظر الكثيرين مجرّد آفة أخرى يجب التخلّص منها. الجميع يتفق على ذلك سواء كانوا من اليمين أو اليسار، من المتديّنين أو العلمانيين. الانتماء الحقيقي، بنظرهم، يجب أن يكون للوطن، الدولة، الدين، الطبقة العاملة، الأيدولوجيا، أو أي شيء آخر باستثناء العشيرة.

بما أن عالمنا العربي معتاد على الأفكار المطلقة – كل شيء بالنسبة لنا هو إما أبيض أو أسود فقط، من الطبيعي أن يعتقد البعض أن الدعوة لإحياء القبيلة هي دعوة للعودة إلى التخلّف، إلى كل تلك السلاسل الذي نحاول الهروب منها. الحقيقة طبعاً مختلفة: مجتمعنا المعاصر لم يتجاوز أصلاً فكرة القبيلة في أي يوم من الأيام، العالم كان ولا يزال يقوم على قبائل. نحن فقط استبدلنا قبائلنا القديمة بقبائل جديدة، ومن يرفضون إنشاء قبائلهم يُسحقون كل يوم أمام القبائل الأخرى. فلنناقش ذلك قليلاً.

*

القبيلة كجزء من هوية الإنسان

حين ننظر إلى كل شيء في الطبيعة، من الواضح أنه هنالك أساس اجتماعي تقوم عليه حياة مختلف الفصائل الحيّة. الطيور تعيش ضمن أسراب، والذئاب تعيش في قطعان من 6 إلى 7 أفراد، وقرود الغوريلا تعيش في مجموعات من 4 إلى 30 غوريلا. البشر بدورهم، من بداية الإنسانية وحتى وقت قريب من التاريخ، كانوا يعيشون في عصبة تضم 30 إلى 50 شخصاً. العيش في مجتمعات أكبر من 150 شخص هو تطوّر حديث نسبياً في التاريخ البشري بدأ منذ نحو عشرة آلاف عام مع بدأ الثورة الزراعية، بعد نحو 400 ألف عام قضاها البشر ضمن عصب صغيرة ومجتمعات صيد وقطاف.

القول أن الإنسان هو حيوان من حيوانات الطبيعة هو طبعاً تجديف بنظر الأديان السماوية ودين التقدّم واليسار والعلمانيين وكل الثقافة “المودرن”. حالة النكران هذه لا تنفي الحقيقة: الإنسان كائن بيولوجي أولاً ويعيش ضمن قوانين الطبيعة مثله مثل بقية الكائنات.

عيش الحيوانات في مجتمعات صغيرة له أسباب عمليّة وعقلانية؛ العيش ضمن مجموعة يحسّن من فرص بقاء أفراد المجموعة ويؤمّن ازدهارهم. حجم هذه الوحدات الاجتماعية ليس عشوائياً أيضاً. إنه كبير لدرجة كافية لإعطاء أعضاءه فوائد مهمّة (التعاضد الحياتي المتبادل بين الأفراد هو أساس العصبة)، لكنه ليس كبير لدرجة تسبّب صراعات كبرى بين أفراده أو ليكون فيه انقسامات طبقية جوهرية (هذا ما أسماه كارل ماركس المجتمع الشيوعي البدائي).

ماذا نقصد من كلّ هذا الكلام؟ القبيلة هي الحالة الطبيعية للبشر، والعيش في المدن كأفراد منعزلين أو كعائلات صغيرة من ثلاث أشخاص ضمن عشرات آلاف الناس الآخرين في نفس الحيز الجغرافي هو استثناء وحدث طارىء في التاريخ البشري.

القبيلة ليست مجرد أسلوب في التنظيم الاجتماعي فحسب بل هي وسيلتنا للبقاء وهي جزء من هويتنا ولها تأثير مباشر على صحّتنا وسعادتنا.

حين نشعر بالراحة لمصادفة أشخاص نعرفهم في مكان مليء بالغرباء، هذا الشعور يحدث لأن إلفة القبيلة – أو أي شيء يشبه القبيلة – هي جزء من تكويننا السيكولوجي. حين تقول دراسات علم النفس أن وجود أصدقاء مقرّبين لنا في الحياة يحسّن صحتنا الجسدية والنفسية ويطيل عمرنا (ملخص الدراسة بالإنكليزية على مجلة علم النفس)، فهذا لأن القبيلة – وما توفره القبيلة من علاقات شخصية حميمة، هي الطريقة التي حافظنا فيها على بقاءنا وعلى إنسانيتنا لمئات آلاف السنين ، وهي الطريقة التي نمينا فيها كأشخاص واكتشفنا من خلالها ذواتنا وحققنا عبرها ازدهارنا الشخصي.

في كتابه بعنوان “قبيلة: حول الانتماء والعودة” ، يسهب سباستيان جانغر في وصف الكلفة النفسية والروحية التي سبّبها ابتعادنا عن الانتماء للقبيلة ويخلص للقول أن الإنسان “يفضّل أن يكون في حالة حرب على أن يكون وحيداً”، ويضيف: “مهما كانت الإنجازات التكنولوجية للمجتمع المعاصر – وهي تكاد تكون بمثابة معجزات – نمط الحياة الفرداني التي تفرضه تلك التكنولوجيات كان له تأثير وحشي وقاسي على الروح الإنسانية”.

نحن لم نخلق لنعيش وحدنا في هذه الحياة. الجميع يتفق على ذلك لكن ما يجب أن نتصالح معه هو أن عدم العيش وحدنا يعني العيش في قبيلة متقاربة من مجموعة صغيرة من الناس.

حين نقول قبيلة، لا نعني مجموعة من الرجال يمتطون الخيول وينصبون الخيام في الصحراء ويحتسون القهوة (مع أني سأحبّ ذلك شخصياً)، القبيلة هي عصبة محكمة من الناس الذين يأتمنون حياتهم لبعضهم البعض ويعتمدون على بعضهم البعض لتأمين بقائهم وتحقيق ازدهارهم وتأمين حاجاتهم المادية والروحية في الحياة.

في ضوء هذا التعريف سنجد أن المجتمع المعاصر لا يزال يقوم بجوهره على القبائل – وغالبية الأفراد “الناجحين” في عالمنا هم من ينتمون للقبائل لا العكس.

*

المجتمع الحديث لا يزال قائم على القبائل

روابط مشجعي كرة القدم، وخصوصاً بجزئها “المتطرف” – أو الألتراس (المشجّعين الأكثر التزاماً وحماساً لفريقهم)، هي ظاهرة تحيّر العديد من مؤسساتنا ونخبنا الثقافية. من الخارج، تبدو الظاهرة غير عقلانية بالنسبة لهم: الألتراس هم أشخاص يعيشون حياتهم وفقاً لبرنامج بطولة كرة قدم ومستعدّون للمخاطرة بحياتهم والموت أحياناً من أجل الدفاع عن شرف فريقهم. يفرحون ويحزنون من كلّ قلبهم عند الربح والخسارة في المباريات ولديهم شعاراتهم الخاصة وألوانهم وهتافاتهم وأغانيهم ومراكز ثقلهم الجغرافية.

من الطبيعي أن تبدو هذه الظاهرة غريبة في عصر يعتبر نفسه عقلانياً ويتوقع عقلانية تامة من أفراده، لكن الحقيقة بسيطة جداً: الألتراس هي رغبة الانتماء للقبيلة لأناس لم يعد لهم قبائل أخرى يمكن الانتماء لها. إنها قبيلتهم. إنها إنسانيتهم الفطرية – وثقافتنا “المودرن”، بشقّيها العلماني والديني، قائمة على كراهية كل ما هو فطري.

من يعتقد أن روابط الألتراس هي ظاهرة استثنائية في مجتمعنا، ما عليه سوى أن ينظر لبقية المجتمع: أينما نظرنا هنالك قبائل ينظّم الناس حياتهم على أساسها: الجيوش، الأحزاب، الشركات الكبرى، العائلات، الأندية والجمعيات المدنية والدينية، الهويات الثقافية، وحتى الهوايات والاهتمامات المشتركة.

لكلّ من هذه القبائل أزيائها الخاصة وشعاراتها ومفرداتها ومناسباتها وأجنداتها، والاختلاف بينها هو فقط في درجة الانتماء وطبيعة الطقوس التي تلتزم بها كلّ منها. لكلّ منها ممنوعاتها ومسموحاتها أيضاً، وكلّ مؤسسة من هذه المؤسسات تطلب التزاماً معيناً من الفرد مقابل الحصول على الفوائد التي يحصل عليها منها. أنجح القبائل في العالم وأكثرها استقراراً وحضوراً هي القبائل الأكثر تنظيماً والأشد صرامة مع أفرادها والتي تضع عادة مصلحتها فوق مصلحة كل قبيلة أخرى: الجيوش، الحكومات، الشركات الكبرى، الأحزاب المتطرفة، والمؤسسات الدينية.

من الواضح أن الجيوش والمؤسسات الدينية تشبه القبائل ، لكن لماذا نشمل الشركات بهذه التسمية؟ فلننظر إلى أكبر الشركات العالمية مثلاً: غوغل وفايسبوك وآبل وميكروسوفت ليست مجرّد شركات بالنسبة لموظفيها، بل هي تحرص على أن تكون أكثر من ذلك بكثير.

معظمنا شاهدنا الصور التي تظهر مراكز العمل في هذه الشركات: مراكز ترفيه وغرف جلوس ومسابح ومقاهي وحضانة أطفال وما شابه – إلى جانب المكاتب ومراكز العمل. الناس التي انبهرت بهذه الصور اعتقدت أن هذه المرافق تدلّ على اهتمام الشركات بموظفيها. الحقيقة هي أن هذه الشركات تريد من موظفيها أن يقضوا أطول وقت ممكن في مراكز عملهم وأن يبقوا ضمن إطار الشركة في كافة نشاطاتهم اليومية. تريد أن تستحوذ على حياتهم وكافة ساعات يومهم. تريد أن تكون قبيلتهم.

لا مفاجأة إذاً أن يكون شعار آبل مثلاً، هو إحدى الملصقات التي نشاهدها على السيارات إلى جانب الملصقات الدينية والسياسية، فكأن آبل طائفة أخرى من هذه الطوائف، وتعبّر عن انتماء يفتخر أفرادها به.

الفارق اليوم هو أن معظم القبائل العصرية هي قبائل ننضم إليها لاحقاً في الحياة ولا نولد فيها كما في الماضي. جزء كبير من أزماتنا الشخصية والعامة حالياً هو بكل بساطة لأننا لسنا قبائل أو لا ننتمي لقبائل تدعمنا.

أقنعتنا الثقافة الحديثة أننا يجب أن نعيش الحياة كأفراد منفصلين عن بعضنا البعض، لكن ما حدث في الواقع هو أنها حرمتنا من محيط الدعم الأساسي الذين كان يؤمّن ازدهارنا وسعادتنا كأفراد وتركتنا وحيدين في مواجهة القبائل التي رفضت الزوال والتي تأخذ من الفرد أكثر بكثير مما تعطيه: الحكومات والجيوش والميليشيات والأديان والشركات الكبرى المتعطشة دوماً لدماءنا وعرق جبيننا.

أكثر من ذلك، عدم الانتماء لقبيلة في مكان كشرقنا المكوّن من قبائل متناحرة، هو انتحار، وهذا ما رأيناه بوضوح خلال السنوات الأخيرة. الأصوات العلمانية والتحرّرية المكوّنة من أفراد مشتتين تم إسكاتها ونفيها وإخراجها من المعادلة لأنها لم تكن منظّمة ضمن قبائل. في المقابل، الأصوات الظلامية والأصولية أصبحت الصوت الأعلى لأنها كانت قبائل تعرف ماذا تريد ولها رؤيا لكيفية تحقيقه.

هذا لا يعني أن نركض لننضمّ لأول مجموعة دينية أو سياسية نسمع بها، بل يعني أنه إن كنا صادقين في الحفاظ على وجودنا – كأشخاص خارج الأطر الدينية والثقافية والسياسية السائدة، إن كنّا نريد أن نستمرّ ونزدهر وأن يكون لنا صوت مؤثر في الحياة كأشخاص وكمجموعات، علينا أن ندرك أن المعركة هي بين قبيلة وقبيلة – بين نحن وهم. أعتقد أن هذه الخلاصة – الاعتقاد بأن العالم هو نحن في مواجهة هم – هي المشكلة الأكبر بالنسبة للتحرّريين والتقدميين مع فكرة القبيلة، فهم يؤمنون بعالم لا يوجد فيه “نحن وهم”، وهذه النقطة هي آخر ما سأتحدّث عنه لأختم هذا المقال.

*

هل القبيلة تعني العودة إلى “نحن” في مواجهة “هم”؟

في تجربتنا الشخصية بالحديث عن هذا الأمر مع آخرين، وجدت أن أشدّ الرافضين لفكرة القبيلة هم عادة من النخب الثقافية والإعلامية والاقتصادية البعيدة عن الواقع اليومي وصراعاته. في عالمهم، هنالك مساحة كافية من الترف للإيمان بمثاليات “الإنسانية” والسلام الشامل على الكوكب.

هنالك بالتأكيد إنسانية واحدة وقضايا إنسانية تشمل جميع البشر لا بدّ من الإيمان بها، لكن المشكلة هي حين نعتقد أن هذا الإيمان ينفي واقع الصراع بين المجموعات المختلفة لتحديد مستقبل هذه الإنسانية. عدم الإيمان بوجود “نحن” و”هم” لن يغيّر من حقيقة أنه هنالك الكثير من الـ”هم” الذين يحاولون خنقنا وسحقنا في هذا العالم.

هنالك قبائل في هذا العالم تريد استعبادنا، إلغاءنا، تغييرنا، سجننا، تريد وضع قيود على وجودنا نفسه، وسواء كنتم موظف يكافح لتحصيل لقمة عيشه أو امرأة تواجه عمامات التحريم كل يوم أو أب يحمل ابنته على كتفيه في مسيرات اللجوء، فأنتم تعلمون ذلك جيداً.

كل فلسطيني على حواجز الاحتلال يعلم ذلك، وكل أزيدي خسر عائلته في خلافة الظلمة يعلم ذلك، وكل شخص يبدأ صباحه بالكفاح وينهي يومه مرهقاً تحت وزن العالم يعلم ذلك. الـ”نحن” في مواجهة “هم” هي الواقع الذي تعيش غالبيتنا فيه منذ الولادة وليست خياراً لنا ترف قبوله أو رفضه. جماعة الترف الفكري يعتبرون أن “نحن” و”هم” هو مفهوم متخلّف يجب أن نتخلّى عنه لكن الحقيقة هي أنهم يمنعوننا من إقامة الـ”نحن” في وجه الـ”هم”.

هنالك الكثير من التحرريين والتقدميين لهم نظرة مثالية جداً للإنسانية ومستقبلها الذين يتخيّلونه مدينة فاضلة، وحين يصطدمون بواقع هذه الإنسانية – واقع أنها كانت ولا تزال قبائل في حالة صراع، ينتقلون إلى الفكرة النقيضة تماماً: يبدأون بالاعتقاد أن الإنسانية فاشلة وساقطة ولا مستقبل لها.

ليس صدفة أن ثقافة “البشر سيئون وطمّاعون بطبيعتهم ويخربون ويدمّرون كل شيء” منتشرة في نفس أوساط “الإنسانية رائعة ومستقبلنا سيكون عيش بسلام مطلقة ومدينة فاضلة”. المثالية المطلقة والعدمية المطلقة هما وجهان لعملة واحدة: كلاهما ناتجان عن اعتقادات خرافية عن الإنسانية لا تمت للواقع بصلة.

في نهاية المطاف، كل ما نريد قوله هو أنه هنالك صراع من أجل البقاء والقوّة بين قبائل مختلفة، والمتحرّرون من أطر الأنظمة والأديان والثقافة السائدة يخوضون هذا الصراع من دون قبيلة خاصة بهم وهم بالتالي معرّضون لخطر الإنقراض.

الخيار الحقيقي هو إما أن نبقى خارج هذا الصراع ونشاهد كلّ ما نحبّه ونريده في هذا العالم يذوي ويموت، وإما أن نشارك في هذا الصراع بكل ما أوتينا من قوّة لكي نحفظ مكان للنور والجمال والحرّية في العصر الذي نقف على أبوابه الآن – وهو على ما يبدو سيكون مزيج من عصور الظلمة وعوالم الخيال العلمي.

الإنسانية كانت ولا تزال قبائل، وإن كنا نريد لأنفسنا مكان فيها، علينا أيضاً… أن نكون قبيلة.

9 comments

  1. غير معروف · جانفي 16, 2018

    إنه صباح مميز أبدأه بقراءة هذا المقال ،
    تحياتي طوني ، كيف بقدر اتواصل معك ؟

  2. Mahmoud Obeidalla · جانفي 16, 2018

    إنه صباح مميز أبدأه بقراءة هذا المقال ،
    تحياتي طوني ، كيف بقدر اتواصل معك ؟

    • Adon · جانفي 16, 2018

      مرحبا محمود، ايميلي الشخصي موجود على صفحةالاتصال بي. احيانا اتأخر بالرد لكني اطلع عليه من وقت لآخر

  3. mohammadfawzy19 · جانفي 16, 2018

    جميل 🙂

  4. غير معروف · جانفي 16, 2018

    بعد رحلة طويلة من التغيرات الفكرية (التمرد على الثقافة والقبيلة والتمدن والتعلمن…الخ) ، توصلت لنفس الفكرة أعلاه ، وصياغتك لها مقنعة جدا
    شكرا لك يا طوني ، ونتمنى رؤية مقالاتك بشكل مستمر

  5. οrwa · جانفي 16, 2018

    صديقي طوني، من أنت ؟
    إن وثبت لأعماق نفسك ستجد أنك غير الجسم و الإسم، أنت كومة من الأفكار، لو لم تكن لديك ذاكرة (انت) غير موجود، و هذه الأفكار، إما على شكل منضومات فكرية كاللغة، الدين، التقاليد، و إشراط المجتمع، و أيضا جانب نفسي منها، اي التماثل مع محتوى الذاكرة، فعالم النفس هو فقط العقل حين يماثل نفسه مع حزمة من الأفكار نسميها علم النفس، إحذف بعض كتب عن علم النفس من الذاكرة أين هو عالم النفس الآن ؟ و المسلم كذلك هو حين يتماهى العقل مع حزمة من الدكريات الجماعية التي تسمى الإسلام، و هي عبارة عن كتب و اقوال، حزمة أخرى من الكلمات، إحدف من العقل هذه الحزمة من الذكريات أين هو المسلم ؟
    قد يبدو لك الأمر غير دي صلة بالموضوع لكن سأبين لك قليلا، إن رأيت حقيقة أنك أنت مجرد كومة من الأفكار، دون الهرب من هذه الحقيقة، يأتي السؤال ما هو الفكر ؟ و يليه هل المفكر من يطرح السؤال مختلف عن الفكر ؟ بالطبع لا، لو لم يكن هناك فكر لا يوجد مفكر على الإطلاق، و الفكر هو نتيجة التجربة التي تتحول لمعرفة ثم تصير داكرة و منها ينبثق العمل، و التجربة كما كانت تبقى محدودة، و الفكر يبقى محدودا، و العمل الذي يأتي منه سيكون سببا للصراع، و الآن إن رأينا حقيقة هذا أن الفكر هو سبب الصراع، ليس في داخل وعينا فقط، بل هو سبب الصراع في العالم، الفكر الذي هو دائما مجزء و محدود، هو الذي أنجب الأديان، و الفلسفة، و العلم و أيضا كل هذه التقسيمات العرقية و كل شكل من أشكال التقسيم في الحياة.
    الفكر هو الزمن، نفسيا هناك صيرورة لكي نصير، من المسلم للمسيحي، من التقليدي للمتطور، من ضد لـ مع، و كل أشكال المتاهات التي خلقها الفكر لنفسه، والتي يضيع فيها كل واحد، و الآن نسأل هل يمكن لهذه الصيرورة أن تتوقف، و نقول نعم، و من معرفة النفس، و الوعي بالفكر يكون الحرية من هذه المتاهة التي خلقها الإنسان لنفسه، يمكنك أن تقطع كل الأشواط و تصير ما تريد، و تمر من الشعر للفسلفة، للعلم و للتكنلوجيا، لكنك تدور في دوائر و لن تجد هناك ما تبحث عنه، ابحث أكثر و ستدكر أن كل ما تبحث عنه هو أنت.
    و أنت المفكر نتيجة فكرك، و لن تجد شيئا في لعبة (أنا) و (هم) ، و (نحن) و (هم)، لأنها محض وهم، يمكنك أن تدعوها واقها، لكن الوهم أيضا واقع، فبالنسبة للمسيحي وهمه واقع، و للإرهابي وهمه واقع، و لعالم النفس بتقسيماته يرى وهمه واقعا، لكن ليس حقيقة، فالحقيقة لا يمكن أن تكون لك أو لي أو للآخر، لكن كل لجهله بنفسه يرى واقعه حقيقة.
    و العقل ليس عقلك فقط، و لا عقلي بل هو عقل البشرية جمعاء، عقل واحد، و محتوى الوعي هو، الخوف و الجزع و الأمل و الغيرة و التعلق و ما يأتي معه من ألم، و الرغبة في الديمومة، و الحسد، و هي كلها توجد فقط في علاقة (أنا) مع (الآخر)، حين يفهم المفكر نفسه، و يتوقف عن البحث عن ملاجئ في حزم من الدكريات و الأفكار، و ينهي كل محتوى وعيه، يمكن للعقل أن يدهب بعيدا، و يسأل نفسه، إنسان مسلم، إنسان أمريكي، إنسان مثقف، و غيرهم، أليسو حزم من الذكريات، إن لم تكن لديك صورة، اي حزمة من الدكريات عن الأمريكي، هل يمكنك أن تتعرف على شخص أمريكي ؟ إن لم يكن لديك حزمة من الذكريات عن الشخص المسلم أيمكنك التعرف على شخص مسلم ؟ و ادهب بعيدا و اسئل نفسك، الراصد الدي يعي أنه يرى صورا، أليس هو الآخر صورة أخرى ؟ لكنه يعتقد أنه دائما و هو طوال حياته مشغول بالصور الأخرى داخله و خارجه، يود أن يعطيها شكلا آخر، أن يقبلها و يرفضها، أو يتبع إحداهن و يرفض الأخرى، أو يخترع لنفس صورا أخرى، و هنا يأتي السؤال عل المراقب (الذي هو أنت) مختلف عن ما يراقب ؟
    الإنسان (الإنسانية) هو الماضي، هو المعرفة التي كونها عن نفسه، و أنت يا صديقي هو البشرية جمعاء، ليس شاعرية ما أقوله لك، بل هو حقيقة، و هي الحقيقة الواحدة التي توجد، و هذه الإنسانية المجزئة و التي لا تتوقف عن تقسيم نفسها، هي نحن، حين توغل أكثر في نفسك سترى الأمر بنفسك، و هذه هي الحرية الوحيدة، هي الحرية من محتوى وعي الإنسانية، و عدم المشاركة في هذه اللعبة التي هي نتيجة جهل الإنسان بنفسه، و الحرية تأتي فقط بوعي الإنسان إشراطه، برمجته، و وعيه بواقعه الذي هو ايضا نتيجة فكره، يأتي الفهم، و منه يأتي العمل السليم، الذي لا يأتي من مركز، سواء كان هدا المركز مسلم، أو مثقف أو رجل أو أي تماهي مع أي شيء، فيكون العمل كاملا.
    حين يدعي أحدهم أنه (شيء ما)، و كلمة شيء تعني شيئا من خلق الفكر، هي حين يتماهي العقل-الإنسان مع حزمة الصور التي هو من خلقها يبدأ الجهل، و حين أود أن أصير شيئا، أهرب من حقيقة ما أنا الآن، و أفصل نفسي عن بقية العالم، و أخلق في العالم مزيدا من العنف و البلبلة و الصراع، و في الحقيقة لا أؤدي أحدا إلا نفسي، حين يرى الفلسطيني أنه هو الإسرائيلي، و إن الإسرائيلي هو الفسلطيني كل أشكال النزاع تتوقف، لكنه تمت برمجتها كي نعتقد أننا منفصلين عن بعضنا، و حين يرى العقل هذه العزلة التي خلقها لنفسه من جهله بنفسه، يهرب منها و يخلق مجموعات، و يزيد شقائه، يخلق حروبا، و حين يرى حقيقة ما فعله، يهرب من حقيقة “ما هو” ليخلق ما “يجب أن يكون” الذي هو السلام، و هذه هي صيرورة أن نصير شيئا، هي دائما صيرورة الهرب من حقيقة أنفسنا من “ما هو” ما أود قوله أن الفصل وهم، و محاولة لملمة الشمل هي باطلة لأنها تبنى على وهم أننا منفصلين، و هي قصة الإنسانية محفورة في كل واحد فينا، إن قرأتها كما هي تحررت منها، و حين أقرأ هذه القصة، أبق دائما مع “ما هو” .
    “ما هو” هي الحقيقة، القبيلة مثلا هي “ما هو” حقيقة الأمر، أنه حين أنتمي لشيئا أفصل نفسي عن شيء آخر، فأخلق البلبلة و الشقاء، و أخلق العداوة، هل يمكنني وعي هذه الحقيقة كما هي دون خيار، دون كل حيل الفكر كي يهرب من مواجهتها، اي عبر طمسها، عبر تحليلها، عبر دراستها، حين ابقى مع هذه الحقيقة، مع “ما هو” لا “ما يجب أن يكون” لا ” ما كان في الماضي” أتجاوزها، و اصير حرا منها، رؤية حقيقة أن القبيلة تخلق الفصل، و من الفصل يأتي العنف، و من العنف تأتي العداوة، و من العداوة تأتي المعانات، و منها تأتي كل المهارب من المعانات، حين أرى في نفسي هذه الحقيقة، أنتهي منها، يعني أني لن أنتمي لشيء ابدا، و حين ارى حقيقة شيء ما يكون الفعل آنيا، أي أن كل شيء متعلق بالإنتماء يسقط، دون جهد، و هي الحقيقة فقط التي تحرر، و هناك حقيقة واحد عليك أن تجدها بنفسك، أنت هو الإنسانية.

  6. غير معروف · جانفي 16, 2018

    مقال رائع طوني، تحياتي.

  7. Melas the Hellene · جانفي 16, 2018

    Excellent thoughts, Adon. Tribalism is (as you know or can guess) also a negative word in English, but it is a natural reality. Better to accept it and improve on it, than to deny it and suffer from the consequences of delusion. That’s why I am a strong advocate of localism and regionalism, rather than nationalism and globalism.

  8. التنبيهات: إطلاق مشروع وكتاب الدرب البربرية | نينار

أضف تعليق