زوهان: دعوة سلام تشوّهها النمطية.. والرسائل السياسية

من تل أبيب إلى نيويورك، يلاحق الزوهان حلمه بالتحوّل إلى مصفف للشعر،  متحوّلا في الولايات المتحدة إلى داعية سلام مع العرب الذين وجد نفسه بينهم فجأة،  في رحلة لم تخلو من المطبّات والصور النمطية عن الجيران “الصحراويين”  للدولة الصهيونية.

“لا تعبثوا مع  الزوهان” (you don’t mess with zohan) هو فيلم من اخراج دنيس دوغان، وشارك آدام ساندلر الذي يمثّل زوهان،  في كتابة السيناريو إلى جانب كاتبين آخرين هما روبرت سيمغل وجود أباتو.

والقصة تدور حول الزوهان  الاسرائيلي، الذي يظهر على أنه أقوى عنصر عسكري في الأراضي المحتلّة، وأكثر ضباط  الموساد كفاءة، لكنه غير راض عن حياته ويحلم كل يوم بالانتقال إلى الولايات  المتحدة لتحقيق حلمه بالتحول إلى مصفف للشعر.

مشاهد القتال والعنف اليومي  تؤرقه، ما يدفعه في أحد الأيام إلى مغادرة تل أبيب نهائياً، بعد تلفيق موته، والانتقال  إلى نيويورك بحثاً عن بداية لمهنته الجديدة.

وهناك يتحوّل ساندلر إلى  داعية سلام، محاولاً مواجهة الكره والحقد المتبادل، بالجنس، المال، الشهرة،  والمواقف المضحكة.

في مجمل سياقه، يركّز الفيلم  على انتقاد كلا طرفي النزاع، مشيراً في أكثر من مكان إلى عبثية ما يجري في الشرق  الأوسط، لكنه من دون شكّ وقع في عدد من المطبّات مركزاً الصورة النمطية  الاسرائيلية عن العربي، ومحملاً الطرفين مسؤولية متساوية في شقّ طريق السلام،  متجاهلاً وجود معتد وضحية في الصراع التاريخي.

ينطلق المشهد الأوّل من  بيروت، حيث تكون مهمة ساندلر القضاء على “سوبر ارهابي” معروف باسم الشبح  (يمثّله جون تورتورو).

والمفاجئة تبدأ من هذه  اللقطة، إذ تبدو بيروت عبارة عن بلدة صحراوية صغيرة على شاطىء البحر، تشبه بيوتها  الطينية قرى القرن التاسع عشر.

الرسالة السياسية الأولى  تبدأ لحظة ظهور أطفال (عرب)، يرمون الحجارة على ضابط الموساد الاسرائيلي الراكض في  شوارع مدينتهم، فيلتقطها الأخير ويسلّمهم  بعد ثوان لعبة لطيفة ترسم البسمة على ثغورهم.

وتستمر الرسالة نفسها  تقريباً في كلّ الفيلم، حيث يبدو في أكثر من مشهد كأن العرب حاقدون على الصهيوني  لمجرّد الحقد، وعلى أنهم متوحّشون يرتدون الجلابيب ويسكنون البراري، ويحيطون  بالمدنيّة الاسرائيلية المتحضرة والمسالمة.

بعد وصوله إلى نيويورك، يجد  “الزوهان” الاسرائيلي نفسه يعمل لدى العرب في محلّ تصفيف تملكه  الفلسطينية داليا (ايمانوييل شريكيه).

لكن وجود الزوهان في أميركا لن يمرّ بسلام،  فالشبح قد وسّع شبكته الارهابية التي أصبحت تضم مطاعم للوجبات السريعة تموّل وتغطّي عملياته.

ويدور محور الأحداث اللاحقة للفيلم حول المواجهة مع الشبح والعلاقة العاطفية التي تتطور ببطء بين زوهان  وداليا.

وهنا تكمن الثغرة الثانية فيه، إذ أن صورة العسكري الاسرائيلي تغيب  تماماً من الفليم، وتندمج صورة المقاتل مع داعية السلام في شخصية ساندلر، فيما  يتكون الطرف العربي من ثنائيّة الفتاة المدنيّة الجميلة المؤيدة للسلام، والارهابي  الذي يدّس السمّ في أطعمة الصغار.

العسكري الاسرائيلي إذاّ قد يقاتل من أجل السلام، ويمكن له أن يطوّر  مواقفه ويحيا حياة خالية من العنف والقتل، أما على الجهة الأخرى فلا يمكن الوثوق  سوى بالعربي المدني أو بالأحرى النعجة، الذي لم يحمل مسدساً في حياته، أما من يحمل السلاح فلا حلّ سوى القضاء النهائي عليه.

ولو كانت البطلة العربية مقاومة مثلاً، لكانت اختلفت القصّة بشكل جذري، ولأصبح الفيلم متوازناً رغم عيوبه  الكثيرة.

أما من ناحية  التقنية، فحبكة القصة ضعيفة جداّ، والنهاية تتضح للمشاهد بعد أول ثلث من الفيلم؛  “الخيّر سيقضي على الشرير ويفوز بالمرأة”.

طرفا السلام في خلاصة الفليم هما، العسكري الاسرائيلي والمدني  العربي، في صورة ليست ببعيدة عن مشهد مصافحة الجنرالات الاسرائيليين السابقين في  منصب رئيس الوزراء مع رئيس السلطة الفلسطينية “المدني” محمود عبّاس.

كذلك فإن الكاريكاتورية  الزائدة في بعض الماشهد قد خفّضت مستوى أداء الممثلين، فيما تم إضافة مضمون جنسي  من خارج السياق في كل لقطة مضحكة تقريباً، في ما رآه بعض النقّاد تغطية على ضعف  القصّة والضعف في الابداع.

“الزوهان” إذاً، محاولة سقطت في فخّ التنميط  الاسرائيلي في فيلم يحاول تهديم الجدران بين الطرفين، فأسقطت نفسها منذ اللقطة  الأولى، وبقيت الخلاصة الوحيدة للفيلم: “لا تعبثوا مع الموساد”.