المعركة على قانون الانترنت في لبنان: حصيلة الجولة الأولى

شهد الشهر الحالي مناوشة جديدة بين الناشطين والمدوّنين الالكترونيين والحكومة اللبنانية التي كانت تحاول تمرير قانون جديد للانترنت تخضع بموجبه كل قطاع الانترنت في لبنان لمزاج ورقابة هيئة ديكتاتورية تعيّنها السلطة السياسية.

ونجح الناشطون الالكترونيون في دفع مجلس النواب لتأجيل التصويت على القانون لشهر واحد قبل يوم من عرضه في البرلمان، خاصة بعد الجهد الكبير الذي قام به المدونون اللبنانيون وجمعية Social Media Exchange ورئيس جمعية المعلوماتية المهنية في لبنان السيد غبرييل الديك الذي شارك في إعداد المسوّدات الأولى للقانون عام 2004.

Source: Trella.org

ورغم الانتصار المؤقت للمدافعين عن الحرية على محاولات إحكام السيطرة على الفضاء الحرّ الوحيد في لبنان إلا أن خطر إقرار القانون يبقى ماثلاً في أي لحظة إذا ما تمّ الاتفاق بين الأفرقاء السياسيين على حصّة كلّ منهم من الجبنة. فقطاع الانترنت في لبنان هو قطاع بمئات ملايين الدولارات في المستقبل القريب (خاصة إذا ما تمّ احتساب النموّ المتوقّع للتجارة الالكترونية والخدمات الأخرى كالاتصالات عبر الانترنت وما شابه)، ومن المتوقّع من طبقة سياسية فاسدة كالطبقة السياسية اللبنانية ومن لفّ لفيفها من المنتفعين الماليين، أن تحاول تسخير نفوذها السياسي والقانون ومؤسسات الدولة لتستفيد من البقرة الحلوب الجديدة التي اسمها الانترنت. لذلك ليس من المستغرب قيام الحكومة اللبنانية بمنع خدمات الاتصالات عبر الانترنت للحفاظ على تدفقات ثابتة من المال إلى جيوب وزارة الاتصالات وشركات الخدمات الهاتفية، وهو الذي قامت به منذ سنوات لكننا اكتشفناه مؤخراً بعد البدء بتطبيقه.

كذلك، ليس من المستغرب أن تحاول الطبقة السياسية نفسها الخروج بقانون يخضع كل قطاع الانترنت للرقابة والترخيص المسبق ويعطي هيئة غريبة عجيبة صلاحية التفتيش وملاحقة “المخالفين” الالكترونيين،  لأن الفضاء الالكتروني اللبناني بتنوّعه وعلمانيته ونبرة الحرية التي تنضح منه وبغناه المعرفي وقدرته التثقيفية والتعبوية، يتحوّل سريعاً إلى مصدر مستقلّ للمعلومات وللتثقيف والتنشيط المدني والاجتماعي خارج عن قبضة الطوائف وقوى الأمر الواقع. ومن الطبيعي أن تحاول هذه الطبقة السياسية تطويع وترويض الفضاء الالكتروني قبل أن يصبح الحجر الذي يضعه الجيل الصاعد على مقبرتها.

وبالعودة للقانون، فإن أوّل ما يلفت الانتباه، بالإضافة إلى واقع أنه مُصاغ بعبارات من القرون الوسطى لا علاقة لها بعصر الانترنت، فهو غموضه وقابليته للتأويل بما يخدم الأهواء السياسية لهيئة الإشراف على الانترنت. فالهيئة التي تنصّ المادة 70 على إنشاءها، لا تخضع لقانون المؤسسات، هي التي تعطي تراخيص خدمات الانترنت وتسحبها، ويحقّ لها وفقاً للمادة 84 الولوج إلى البرامج المعلوماتية والمعلومات الخاصة بأي شخص والاستحصال على نسخة مطبوعة منها. ولا يكتفي القانون بهذه الصلاحيات للهيئة، بل يعطيها حقّ مداهمة وتفتيش مالي وإداري والكتروني والاستيلاء على أي معلومات عامة وشخصية ومن ضمنها الأقراص الصلبة وأجهزة الكومبيوتر من دون إذن قضائي أو موافقة حكومية، ويعطيها أيضاً صفة الادعاء وبعض الصلاحيات القضائية والأمنية باعتبارها مساوية للضابطة العدلية، ويعطيها الحقّ بالاستعانة بالقوى الأمنية لمؤازرتها. أي نحن أمام قانون يمكن استغلاله لتبرير أي عملية قمع وتفتيش أو حتى محاكمة ولصق تهم للمدوّنين والناشطين المتواجدين على الانترنت.

By Naeema Zarif (Twitter: @Naeema)

بالإضافة إلى ذلك، هنالك ملحق للقانون أكثر غموضاً من القانون نفسه، وما يهمنا فيه هو أن إحدى مواده، التي لم تلق الكثير من الاهتمام، تنصّ على تعديل مادة في قانون الإعلام تضع النشر الالكتروني تحت سلطة قانون الإعلام والنشر الورقي والمرئي والمسموع. وقانون الإعلام هو في جميع الأحوال قانون مجحف ومنتهي الصلاحية وتستعمله السلطات السياسية والطائفية كشمّاعة كلما أرادت إسكات الصحافيين والإعلاميين والفنّانين، فكيف إذا ما أصبح يشمل النشر الالكتروني؟ عندها لا يمكن أن نستبعد أن يقوم بعض السياسيين والأحزاب بجرجرة الشباب إلى المحاكم بسبب تعليق لهم على الفايسبوك أو تويتر أو على مدوّنتهم، وكان لبنان شهد فعلاً أوّل حالة استدعاء أمني لمدوّن في آذار الماضي.

لكلّ هذه الأسباب، إن النتيجة الوحيدة من هذا القانون إذا ما تمّ إقراره هي إعطاء السلطات أداة جديدة للتضييق على الحريات العامة، عرقلة تطوّر الاقتصاد الالكتروني لمصلحة ملء جيوب بعض السياسيين بالمال والرشاوى وإعدام أي فرصة لإدخال لبنان على الخارطة المعرفية والاقتصادية والخدماتية العالمية التي يشكّل فيها الانترنت الحرّ أحد الركائز الجوهرية.  صحيح أن وجود قانون في هذا المجال هو أمر ضروري، لكن من المفترض أن يهدف إلى تنظيم قطاع الانترنت لا تكبيله، وهذا هو اتجاه المعركة المقبلة بين الناشطين الالكترونيين ودعاة الفضاء الالكتروني المفتوح، وبين خرّيجي ديكتاتوريات القرون الوسطى الذين تقمّصوا اليوم نوّاباً ومشرّعين وسياسيين وقادة أحزاب في البرلمان اللبناني.

أخيراً، نحن نعرف جيداً أن هذه الجولة للدفاع عن حرية الفضاء الالكتروني لن تكون الأخيرة، خاصة بعد اتفاق الزعماء العرب على ضرورة “قوننة” (إقرأ “التضييق على”) قطاع الانترنت في قمة تونس 2004 بعدما تحوّل المدوّنون والناشطون الالكترونيون إلى أسوأ كابوس واجهته الأنظمة العربية منذ عقود. كابوس نعد أنه لن يزيد مع الوقت سوى سوءاً.

*   *   *

تحديث 21 حزيران 2010: علمت المدونة ان حادثة استعداء ناشطين بسبب كتاباتهم المنشورة الكترونياً تكررت مرّة أخرى مع السيد ماريو ملكون الذي تم استدعائه من قبل مخابرات الجيش بسبب مقال على الفايسبوك بتاريخ 18 حزيران.

*   *   *

من الاقتراحات التي وردت في الرسالة التي أعدّها مركز social Media Exchange للمشاركة في إيقاف القانون:

·         الإتصال بأعضاء البرلمان (النواب) وطلب التصويت على تأجيل القانون من قبلهم، في إنتظار المناقشة العامة.

·         تمرير هذه الرسالة إلى زملائك، وأسرتك، وأصدقائك.

·         نشر الكلمة على صفحات النواب على الفايسبوك، داعين إياهم إلى التحرك لتأجيل القانون، في إنتظار المناقشة العامة.

·         الإنضمام إلى صفحة أوقف هذا القانون على الفايسبوك .

·         إذا كنت صحفي أو مدون، الرجاء أخذ المبادرة في كتابة فقرة قصيرة تسلط الضوء على المخاطر المحتملة للقانون

*   *   *

بعض مواد القانون المقترح

*   *   *

المزيد من الروابط من المدونين اللبنانيين والصحافة:

قانون تكنولوجيا المعلومات الجديد في لبنان،SMEX

أوقفنا القانون (لشهر واحد)، SMEX

مجنون يحكي وعاقل يفهم، مدوّنة تريلا

إحتجاجات تدعو الى تأجيل تصويت البرلمان اليوم، قانون تكنولوجيا المعلومات..”. هل يمر؟، جريدة البلد.

قانون الإنترنت: نظام أمني جديد!، جريدة الاخبار.

علم وخبر، مدوّنة وقفت هنا فكتبت.

قانونٌ يعزف ألحان، قانونٌ يقمع أفكار، مدونة سليم اللوزة.

قانون تكنولوجيا المعلوم مات، مدوّنة خربشات بيروتية.

*   *   *

Emergency: Help Delay the Vote on E-Transactions Law, SMEX Org

We Stopped This Law (for a month), SMEX Org.

Lebanon is stifling your digital freedom, Imad Atallah, The Daily Star Newspaper

Missed Call Nation, Qifa Nabki Blog.

Lebanese Bloggers Are Furious Over Proposed Internet Bill, Beirut Spring Blog

Lebanese E-transactions Law Dilemma, The Identity Chef Blog.

Stop the new Lebanese Internet Law, Independence 05 Blog.

Stop this law, and start working on something else!, Sara Hilal’s Blog.

Lebanese E-Transaction Law, Thread Of Desire Blog.

ESSA proposed costume – STOP THIS LAWSchizolax 10 mg Blog.

Lebanon’s Internet to Get Worse Unless You Stop It, Jad Aoun’s Blog.

Internet joke, Maya’s Amalgam Blog.

Lebanese? Online? Prepare to Pay 10,000,000 LL Fine and Spend 6 Months in Roumieh, Gino’s Blog.

A stand against ESSA and the new Lebanese E-Transaction law, +961 Blog.

Lets Make the Streets our Public TimeLine, Still Life In Motion Blog.

Stop this Law #stopthislaw, Lebanese Nights Blog.

ACT NOW: Postpone the Vote on the E-Transactions Law, Beirut/ NTSC Blog.

Stop this law!, This Is Beirut Blog.

Stop This Law!, Moms Kitchen Blog.

Anger over new e-law, Now-Lebanon News Website.

The Lebanese Parliament Plans to Join The 21 century by Banning Skype, Ya Libnan Website.

7 comments

  1. salimallawzi · جوان 18, 2010

    شكراً نينار على الإضافة، وسأقوم بإضافة وصلة موقعك إلى لائحتي على صفحة البداية

    إذا أردت أن تقرأ موضوعي الجديد حول هذه القضية الذي نشر في جريدة الحياة

    http://international.daralhayat.com/internationalarticle/153681

    شكراً

  2. لاديني · جوان 19, 2010

    الفخ الذي ينصبونه في جميع الدول هو ضم النشر الالكتروني إلى القوانين التي تقيد النشر الورقي والإعلامي عموماً
    وهذا يحيل فضاء الانترنت الواسع إلى أداة إعلامية إقليمية محصورة ومراقبة

    الأردن أيضاً بدأت تعاني من هذا الاتجاه
    وبعد قمة تونس هناك الكثير من هذا في معظم دول المنطقة

    وقوفكم كمدونين ونشطاء ضد إقرار أي تقنين للنشر الالكتروني لازم

    أعجبني ما تفعلون
    أشد على أيديكم
    متمنياً التوفيق

    تحياتي طوني

  3. التنبيهات: قانون تنظيم الانترنت في لبنان: نحو نظام بوليسي! « هنيبعل.. يتسكّع في الأرجاء
  4. Adon · جوان 19, 2010

    شكراً سليم على الإضافة. شفت المقال بالحياة وعارض القضية بشكل جيد.

    تحياتي

    العزيز لاديني، مشتاقين صديقي،
    السيطرة على الانترنت هدف للأنظمة العربية من فترة منيحة، كانت معتادة الأنظمة انها تعمل اللي بتريده من دون صوت معترض، الانترنت غيّر هالواقع، وبعتقد التجارب التونسية والغربية والمصرية وغيرها من التجارب العربية عم تبني أرضية صلبة لتغيير المعادلات قريباً.

    سلامي

  5. Carolina · جوان 23, 2010

    سعيدة أدون، قليل لاترك تعليق هون، بس بحب دائماً شو بتكتب، مش دائماً .. دائماً، قول غالباً.
    بس كنت من وقت لوقت بمرق على مدونة لا-ديني، وبحب هنّيه بحجبها في الإمارات :p

  6. التنبيهات: استراحة: كيفية ترويض الديناصورات « نينار
  7. التنبيهات: (24) من الشاشة إلى الساحات: التدوين اللبناني في العمل « نينار

أضف تعليق