مرة أخرى، تطلّ الديناصورات اللبنانية برأسها من قصور الحكم لتذكّرنا بواقع أن الحرية في لبنان هي فقط لمن يحمل في يده السلطة والمال ومفاتيح السماء، أما المواطنين المغلوب على أمرهم الذين لا سند لهم في دواوين السلطان سوى أصواتهم، فمصيرهم السجون وأقبية المخابرات إن تجرؤوا على قول الحقّ وانتقاد الوالي.
مرة أخرى يبرهن السياسيون اللبنانيون نجاحهم في تعلّم أساليب القمع وانتهاك الحقوق من نظرائهم في العالم العربي، وبذلك يكونوا قد نجحوا في تطعيم نظام ديكتاتورية الطوائف برائحة العفن وأصوات السياط وأنياب المخابرات المغروزة في أجساد الفقراء. ربّما لم يتعلّموا الدرس الأساسي بعد: الديناصورات على أشكالها تقع وتنقرض وتُهدَمُ تماثيلها احتفالاً وانتقاماً. تذكّروا ذلك جيداً.
في تفاصيل التصرّف الديناصوري الجديد، قامت الأجهزة الأمنية اللبنانية خلال الأشهر الماضية باعتقال واستدعاء ستّ شبّان بسبب مقالات الكترونية أو تعليقات لهم حول رئيس الجمهورية.
يأتي ذلك في ظلّ جوّ عام من التضييق على الحرّيات في لبنان وقيام السلطة باقتراح تعديل قانوني الاعلام وتنظيم الانترنت للنيل مباشرة من حريّة التعبير وإعادة عقوبة الحبس للصحافيين.
ردّ السلطات السياسية على حملة الاعتقالات يفوق فعل الاعتقال سوءاً، فبالإضافة إلى محاولة رئيس الجمهورية التبرؤ من القضية عبر القول ان القضاء تحرّك تلقائياً (رغم أن الجميع يعلم العكس)، قام أيضاً باستعارة أدبيات القرون الوسطى ليردّ على الانتقادات قائلاً “أنه حريص على تربية الشباب كأنهم أولادي” مدافعاً عن اعتقالهم كون ما قالوه بحقه “يندى له الجبين”.
ما فات رئيس الجمهورية هو أنه رئيس جمهورية دولة بمواطنين ومؤسسات وليس شيخاً لمزرعة عائلية، وأن هؤلاء الشباب هم مواطنون في دولته لا أطفال يعاقبهم بقرص آذانهم أو مجرمين يتعامل معهم بإرسال مخابرات الجيش إلى منازلهم ليلاً.
فات رئيس الجمهورية أيضاً أن ما يندى له الجبين بالفعل هو أن يترك كل مشاكل البلاد والانهيار الجاريي على قدم وساق ويشغل نفسه بمتابعة آخر ما يقال عنه على الفايسبوك. لو كان رئيس الجمهورية هو فعلاً “أكثر الحريصين على الحريات العامة وحرية التعبير والحفاظ على شبابنا”، كما ورد في توضيح مخزي من مكتبه الإعلامي، فيجب عليه إيقاف كل الملاحقات فوراً والتعهّد بعدم المسّ بأي مواطن بسبب رأيه، وعليه تقديم اعتذار علني للشباب وأهاليهم على الألم والقلق اللي سبّبه قراره بملاحقتهم.
بالإضافة إلى ذلك، إن التوقيف والاستدعاء هو غير قانوني، أولاً لأنه غير مستند على طلب من المحكمة وليس له أي سند قانوني على الإطلاق، وثانياً لأن قانون الإعلام الحالي لا يشمل النشر في الوسائل الالكترونية، والتعديل الذي ينص على ذلك لم يقرّه مجلس النواب بعد.
في الشقّ القانوني أيضاً، الوسائل الالكترونية خارجة عن الجغرافيا وغير خاضعة قانونياً لسلطة الدولة اللبنانية، ولا هي تستوجب في الأساس ترخيص من وزارة الإعلام أو من الدولة اللبنانية ، لذلك هي غير مرتبطة بها قانونياً ولا تخضع لأحكامها لأن وجودها غير مرتبط بالوزراة وسلطة الدولة في الأصل.
بالتالي إن التبرير الذي قدّمه مدّعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا هو تبرير سياسي وليس قانوني، خاصة أن القاضي لم يحدّد ما هي المادّة القانونية التي أوقف الشباب على أساسها، وخاصة أيضاً في ظلّ وجود اجتهاد سابق للقضاء اللبناني حول عدم شمول الانترنت لوسائل النشر المحدّدة في القانون. وهذا ما يستوجب في أقلّ الأحوال استقالة المدّعي العام من منصبه.. لو كنّا في دولة فعليّة.
أما قيام بعض الناشطين والمتعاطفين مع رئيس الجمهورية بـ”تفهّم” الملاحقات لأن مشاركة شابيّن من المعتقلين تضمّن كلاماً نابياً فهو تبرير ينقض نفسه بنفسه لعدّة أسباب. من ناحية أولى، الفايسبوك ليس ملك مكتب رئيس الجمهورية ولا الرئيس هو من يحدّد ما يمكن وما لا يمكن قوله فيه، ولا الحرية هي تقدمة من حضرة الرئيس للمواطنين، لذلك فإن كان هناك تعليق أو شتيمة على صفحة الرئيس فيمكنهم، بكلّ تحضّر حذفها أو تبليغ إدارة الفايسبوك عنها بدل التصرّف كمافيا وإفلات الكلاب البوليسية على مواطنيهم.
من ناحية ثانية، صحيح أن الشتائم المذكورة تندرج ضمن قانون القدح والذم، إلا أن هذا القانون بحدّ ذاته هو غير عادل ولو طبّق على الجميع لكانت غالبية الشعب اللبناني في السجون. على حدّ تعبير الناشط الحقوقي نور مرعب في مقاله “حدود حرية التعبير”، فإن رئيس الجمهورية لا يحقّ له تطبيق هذا القانون بالذات وذلك من أجل ضمان “حق المواطن بمسائلة السلطة وبسبب قوّة صاحب السلطان ونفوذه وحصانته” التي تجعل من المواجهة بينه وبين المواطن غير عادلة وغير متكافئة.
بالإضافة إلى ذلك، يجب على السياسي الذي تهمّه مصلحة بلاده، أن يسأل نفسه عن الخطأ الذي يقوم به حين يكون معظم مواطني بلده يشتموه.
أخيراً، بغضّ النظر عن كل النقاشات الفرعية حول هذه المسألة، يجب على كل الناشطين الحقوقيين والسياسيين والمدنيين أن يدركوا أهمية الرفض التام لإخضاع الفضاء الالكتروني لأي نوع من أنواع الرقابة والملاحقة فيما يتعلّق بحرية التعبير. الفضاء الالكتروني هو مساحة خاصة، عالمية وحرّة غير خاضعة لسلطات الدول ولا لأهواء الديناصورات الآتية من القرون الماضية، وهو أيضاً أحد أفعل الأدوات اليوم في بناء الوعي الثقافي والاجتماعي والسياسي للمواطنين، لذلك يجب الحفاظ عليه خالٍ من حكم الديناصورات.
في اللحظة التي نعطي فيها مجال للسلطة لكي تحدّد لنا الممنوع والمسموح في التعبير، نكون دخلنا نفق مظلم آخره سيكون دولة مكمّمة الأفواه، سلطانها طاغية ومواطنها فأر مهزوم جائع يختبىء في القواويش ويعتاش على الفتات.
لكي لا يتحوّل هذا البلد الصغير إلى سجن عربي جديد، يجب رفع الصوت وجعل كل مدوّنة وكل صفحة وكل تحرّك وكل كلمة سبباً لصداع أليم في رأس السلطة وحاشيتها، من رئيس الجمهورية نزولاً، لكي يدركوا أن كمّ الأفواه سياسة لا تجلب عليهم سوى المزيد من السخط والمزيد من الخصوم والمزيد من المعارضة والنقد.
يا حضرات السلاطين الحالمين بعروش من عصور الظلمة، الديناصورات على أشكالها تقع. تذكروا ذلك جيداً.
***
عنجد اجا الوقت انه نوقف كلنا كشعوب عربية ونقول لا لهالكراسي العفنه ولهالسياسة الملتوية والملوثه
في بلدانا العربية سهم الحرية ع المحك دائما بالنازل
واي تصرف بيصدر من السلطات للاسف بيحاولوا انهم يجعلوه قانوني وبيعطو نفسم الحق بهيك وبيجلدونا بسياط الحرية الكاذبة
بتصور انه صوتكم لازم يعلى اكثر واكثر
بلكي هالشعوب اللي مستسلمة تتعلم شوي وتصحى من هالسبات المقيت
كون بخير
جيد، علينا أن نقف يداً واحدة… برافو!
اوكى..بس خلي بالك من نفسك يا طوني
قوي
مخيف
” ده الصمت مش لينا .. فين الولد مايروح لازم يعود …
قلب الوطن مجروح لا يحتمل اكتر ”
اغنية لمحمد منيـــــر
مش من حق اي حد يخرس اي حد
الحكومات العربية في حالة هستريا وخيابة وتخبط
انضم لل-لاديني فعلا ياريت تاخد بالك من نفسك واستمر في قتالك بالكلمات الرصاصية ولكن بتعقل صديقي فالعسكر يسكن فوق النفس بكل مكان
سألوني الشباب المجر أنو كيف بيعرف الواحد أنو بيروت عربية؟ هلأ عرفت الجواب…
صباحو جميعاً،
شادية، حكيتي اشيا كتير مهمة صبية، ولازم يضل صوتنا عالي وإلا هودي الحكّام بياخدوا وجّ زيادة عن اللزوم. بعتقد رغم اللي صار، الشي المنيح فيه انه حرّك الشباب للدفاع عن حقوقهم وعم يقدّم نموذج على أمل تحريك المستنقع العربي ككل.
سلامي
نور شكراً على تعليقك صديقي، التضامن بهالقضية نفع وأخيراً : D
لاديني العزيز،
شكراً على اهتمامك صديقي. أكيد باخد بالي لحتى ما نقدم أضحية مجّانية للسلطات، لكن لازم نهزّ العصا لمن يتعلّق الموضوع بقضية محقة : )
تحياتي
جفرا،
ولك يا هلا، وين شايف هالاسم قبل؟ : p
لازم نخوّفهم شوي بلكي بيحسّوا على دمهم، أو على القليلة نفوت على السجن كرمال مقال حرزان .
وبعدني عم بشتغل لتحسين صوري الفوتوغرافية : P
تحياتي بنّوت
هبة،
ماخد بالي يا صديقتي، لكن بدنا نفهمهم كمان انو هنّي لازم ياخدو بالهم.
ذكّرتيني بمحمد منير صرلي سنوات مش سامعلو اشي، الموسيقى والروح النوبيّة بتشبهنا..
سلامي عزيزتي
كنان العزيز،
بالإضافة للنظارات السوداء للمخابرات، كمان فيه كم شجرة نخيل على الكونيش البحري لتسهيل التعرّف على عروبة بيروت : p
البطحة ناطرتك دائماً صديقي
تحياتي
قوية يا راجل