أن نحبّ… وأن نثور

“في الأمس أطعنا الملوك وحنينا رقابنا أمام الأباطرة. لكن اليوم نركع فقط أمام الحقيقة.. لا نتبع سوى الجمال ولا نطيع سوى الحبّ”. (جبران خليل جبران)

* * *

الأخ الأكبر لا يكفيه أن يحصل على ولائك السياسي الكامل بل يريدك أن تحبّه من كل قلبك أيضاً.

سبب ذلك بسيط؛ الأخ الأكبر يريد منك أن تسلّمه كل شيء، أفكارك وحواسك وعواطفك وقلبك وكامل طاعتك. هو يرتعب من المساحة الصغيرة في رأسك التي يمكن أن تبقى فيها إنساناً حرّاً والتي لا تستطيع أجهزة مخابراته أن تدخلها وتعبث بها. يرتعب أكثر من تلك المساحة الصغيرة في قلبك التي تستطيع أن تحبّ أمراً أو أحداً غيره هو مثل الحياة، الكرامة، الحريّة…

الأخ الأكبر يخاف من كل فعل حبّ لا يتوجّه إليه هو لأنه يعلم جيداً أنه يحكم الناس بالكراهية والخوف. الحب، إن لم يكن تحت قبضته إلى جانب كل المشاعر الأخرى، له القدرة على قلب عرشه.

ليس في الأمر من فلسفة؛ الشعب الذي يحب طاغيته يتخلّى عن حرّيته وحقوقه بسهولة، أما الشعب الذي يحبّ حريته، فيتخلّى عن طاغيته بسهولة وينتفض بوجهه بطرفة عين.

الحبّ قوي لأنه يمتلك القدرة على تحرير الإنسان، بينما الخوف يجمّده فقط. الناس التي تعرف كيف تحبّ تعرف كيف تثور، أما الناس التي لا تعرف سوى الخوف فستدافع عن الطاغية حتى الموت وستطلق على خوفها اسم: “منحبّك”.

الحب قوي لأنه يدمّر قصور الطغيان بسهولة: هو يستطيع أن يفعل أمر لا يستطيع لا الطاغية ولا أي واحد من مرتزقته أن يقوموا به: التضحية.

من لا يحب لا يضحّي؛ يقدم على التضحية فقط من يحب بلاده، من يحب أهله، من يحبّ حرّيته ومستقبل أولاده. التضحية هي الإبنة البكر للحبّ وهي المسمار الأوّل في نعش الطاغية، لأن بشائرها تعني أن سقوطه مسألة وقت فقط، لا مسألة احتمال.

لا يعني ذلك أن التضحية هدف بحد ذاتها؛ بل هي قوّة تفقد الطاغية صوابه وتضعه على حافة العرش بانتظار وصول الناس مع المشاعل… لتحرقه هو وعرشه وتنير البلاد من رماده.

متمرّدو العالم اليوم، من دمشق إلى أتلنتا، يثورون لأن حبّهم للحياة والعدالة والحرية انتصر على حقد الطغاة.

الحبّ يؤرق الطغاة؛ فلنحبّ من كل قلبنا، فلنحبّ هذه الأرض وناسها، فلنحبّ الحرية، فلنغنّي ونقاتل، حتى يسقط الطغاة، حتى يسقط الطغاة…

12 comments

  1. عبير · جانفي 4, 2012

    أن نطيع الحبّ يعني أن نستعيد بوصلتنا الطبيعية في طريق الحياة، وأن نستعيد العلاقة مع ذواتنا. حينها تكون الثورة قد بدأت حقا، فالطغاة تكفيهم أغنية عن الحبّ والحرّية ليتساقطوا واحدًا تلو الآخر ويصيروا خبرًا صغيرًا في التاريخ الكبير.

    آن للإنسان أن يتعلّم كيف يكون مخلصًا لنفسه!

    مقالة جيّدة طنطون.

    • Adon · جانفي 4, 2012

      شكراً عالتعليق الجميل 🙂

  2. فريز · جانفي 4, 2012

    “ما منحبك” بأعلى صوت
    الحرية لسورية وكل الشعوب العربية!

    نص محكم يا أدون

    • Adon · جانفي 4, 2012

      تسلم فريز

  3. jafra · جانفي 4, 2012

    عم نحب وعم نثور 🙂

    • Adon · جانفي 4, 2012

      بعرف 😀
      بتسمحيلي آخد هالجملة وغيّر العنوان لـ”أن نحبّ وأن نثور” ؟ 🙂

  4. jafra · جانفي 6, 2012

    🙂

  5. Rita · جانفي 7, 2012

    ❤ ❤ ❤
    هاي تلت قلوب تأكيداً عالفكرة 😀

  6. alaa · جانفي 10, 2012

    . ..يساورني شهيقٌ طويل في آخره ضوء خفيف قد يكون ضوء الحب أو يكون ضوء الحرية
    مدري كيف حسيت هالكلمات بتشبه الي قريتو
    بس عنجد انبسطتت انو رجعت نينار 🙂
    والثورة ما بتكون ثورة بلا حب بيحررنا من كل القيود

    • Adon · جانفي 11, 2012

      أوقات فيه جمل بتكمّل اللي منكون كاتبينه، وهالجملة هيك …
      ونينار مبسوطة فيكي كمان 😀

  7. alaa · جانفي 10, 2012

    ورح اعملها شير عندي كمان 😀 من بعدك اذنك

أضف تعليق