إطلاق مشروع وكتاب الدرب البربرية

لسنوات طويلة كنا نقول على مدوّنة نينار أننا بحاجة لنمط جديد من التفكير وأسلوب جديد في الحياة يناسب العالم الجديد بعدما أصبح واضحاً أن صلاحية العالم القديم قد انتهت.

تحدّثنا أيضاً عن أننا بدل إضاعة وقتنا في محاولة فرض إرادة ورؤية واحدة على العالم بهدف التغيير الشامل وهو مستحيل – يمكننا أن نغيّر العالم عبر إيجاد مكان لنا فيه وخلق مجموعات ومؤسسات بديلة عن السائد. تحدّثنا أيضاً عن فكرة مثيرة للجدل في عالمنا الحديث وهي أننا نحتاج للعودة إلى القبيلة – قبيلتنا العصرية التي نخلقها بأنفسنا – لكي نتمكّن من الحفاظ على أنفسنا وحريتنا في زمن صراع القبائل.

خلال السنوات السابقة قمنا أيضاً بعدّة محاولات لإنشاء بدائل من هذا النوع، منها ما ركّز على الشأن الروحي – كمدونة اسكندرية415 ومنها ما ركّز على الجانب السياسي مثل مجموعة راديكال بيروت ومنها ما ركّز على الجانب الحياتي الأشمل مثل مبادرة الجذور.

كل محاولة شاركنا بها كانت تساعدنا على إنضاج الطرح وفهم ما نحتاجه بشكل أكبر وفهم ما الذي نريد أن تكون مساهمتنا به في هذا العالم الجديد، وقرّرنا التوقّف لعدّة سنوات عن المبادرات لحين إنضاج الطرح بالكامل، لأننا أردنا هذه المرة أن نطلق مشروعاً دائماً وليس مجرّد مبادرة محدودة ومؤقتة.

وصلنا إلى العام 2020، هذا العام الحافل بالنهايات والبدايات والأحداث الضخمة بين الاثنين، وشعرنا أن الوقت حان لإخراج المشروع إلى الضوء كون الأحداث تتسارع بشكل أكبر من قدرة معظم الأفراد على مجاراتها، ولكون حاجة الأشخاص الذين يشبهوننا لمشروع من هذا النوع هي أكبر من أي وقت مضى.

جميعنا اليوم بحاجة أكثر من أي وقت آخر إلى قبيلة من الناس حولنا تساندنا في هذه المغامرة الكبرى في الحياة – وخاصة في وجه اشتداد الصعوبات لدرجة كبيرة خلال العام الماضي. نحن بحاجة أيضاً لرؤى وقيم جديدة في الحياة تساعدنا على إيجاد مكان لنا في المستقبل الذي نتجه إليه، بدلاً من أن نبقى أفراداً معزولين لا حول لنا ولا قوّة.

ما هي الدرب البربرية؟

الدرب البربرية هي المرحلة الأولى من مشروع طويل الأمد، أما ما هي الدرب البربرية؟ هي ببساطة الأمور التالية:

  • نظرة للحياة تعتنق فلسفة تجاوز الإنسان المستمرّ لذاته عبر عملية الكينونة-الصراع-الصيرورة.
  • دعوة لقيم جديدة مختلفة عن الثقافة الشعبية السائدة، ترتكز على القوّة والتمكّن والشرف، تثمّن الاستقلالية والاعتماد الذاتي، تشجّع على تكوين قبائل لخوض الحياة بدل الفردانية والانعزال الفردي السائد، وتدعو لاعتناق البرّية والحياة واستلهام التوازن منها.
  • برنامج تطوير ذاتي سيتوسّع ويتقدّم باستمرار لإعطاء الأفراد تقنيات وممارسات ودعم اجتماعي في رحلتهم لتطوير وتحسين أنفسهم واكتساب السيادة على ذهنهم وجسدهم وروحهم.
  • مجتمع في طور التكوين من الأشخاص المهتمين باكتشاف البرّية داخلهم وخارجهم والمهتمّين بتطوير أنفسهم ذهنياً وجسدياً وروحياً والمشاركة في بناء أساليب عملية بديلة للحياة.
  • بودكاست ومنصات تقدّم محتوى فكري وثقافي وروحي يتوسّع في الفلسفة والممارسات والرؤى المرتبطة باعتناق الدرب البربرية.

ما هو برنامج الدرب البربرية؟

البرنامج الأوّل للدرب البربرية متاح مجاناً ككتاب من نحو 60 صفحة، وهو في الوقت الحالي يشكّل إحدى نقاط الارتكاز الأساسية لتكوين الدرب البربرية حيث يتحدّث بشكل مبسط عن الفلسفة التي تقف خلف الفكرة إضافة إلى مجموعة من الممارسات المصمّمة بعناية لتطوير الذات بشكل غير مسبوق، منها تأمل ومنها تدريب بدني ومنها تقنيات مصمّمة لاكتشاف الذات وسبر أغوارها.

صمّم هذا البرنامج العملي وفقاً لثلاث ركائز: البساطة، المثابرة، والعمل.  الممارسات المطروحة فيه تهدف لمساعدة أي شخص يقرأه على تحقيق السيادة على الذهن والجسد، وتحقيق الانفتاح الروحي لاختبار الوجود الواسع ورؤيته باحتمالاته اللانهائية.

ييمكن تحميله مجاناً على الموقع هنا.

كيف يمكن المشاركة بالدرب البربرية حالياً؟

أي شخص في العالم على الإطلاق يمكنه أن يكون جزءاً من الدرب البربرية بغض النظر عن خلفيته وظروفه؛ الدرب البربرية هي أولاً وآخراً توق للحرية وعملية صيرورة لنكون النسخة الأفضل عن أنفسنا ولاعتناق البرية والحياة كما هي، وبذلك كل شخص يمكنه أن يسيّر حياته بهذا الاتجاه وأن يتبع جزءاً من أو كامل الفلسفة والقيم والممارسات التي تحملها الدرب البربرية.

الدرب البربرية لا تطلب منك الانصياع لأحد ولا الإيمان بفكرة محددة باستثناء الإيمان بقدرتك على تجاوز ذاتك القديمة واعتناق البرية التي ننتمي إليها، وبذلك اتباع الدرب البربرية هو خيار شخصي أولاً وآخراً ويعود لكل شخص تحديد مدى انخراطه بهذه الفلسفة وأسلوبها بالعيش والوجود.

على الصعيد العملي:

  • يمكنك أولاً الاطلاع على الفلسفة والممارسات الأساسية للدرب البربرية عبر تحميل البرنامج الأساسي مجاناً على هذه الصفحة: تحميل كتاب الدرب البربرية
  • إن وجدت في البرنامج ما يناسبك، يمكنك اتباعه وربما تجربة البرنامج بالكامل لثلاثة أشهر لتختبر النتائج بنفسك.
  • يمكن متابعة الدرب البربرية على منصات التواصل الاجتماعي لتحديثات وأفكار يومية وللتواصل مع أشخاص آخرين يخوضون مغامرة مماثلة وتبادل الأفكار والتجارب: فايسبوك ، تويتر، انستاغرام.
  • في مرحلة لاحقة سيكون هنالك نشاط شهري في الطبيعة مخصّص لتبادل الخبرات والتأمل والرياضة والموسيقى والوجود بالبرية بشكل عام، في لبنان في البداية لكننا نشجّع الأشخاص أو المجموعات التي تتبع الدرب البربرية أو تهتم بهذه الأمور بالقيام بنشاطات مشابهة في المكان الذي تقيم فيه.

وماذا بعد الدرب البربرية؟

الدرب البربرية هي مشروع دائم ومستقل ومن المتوقع أن ينمو ويتطوّر مع الوقت ويتحول إلى شبكة كبيرة من الناس التي تدعم بعضها بعضاً في تبادل الخبرات وتحسين الذات والتواصل مع البرية وبناء أسلوب جديد في التفكير وفي الحياة بشكل عام.

طبعاً الأمر لا يقف عند هذا الحد، ونأمل أن تكون الدرب البربرية بمثابة المحرّك لظهور العديد من المجموعات والمبادرات الأخرى التي تستلهم منها وربما سنصل إلى يوم في المستقبل يكون فيه عشرات القبائل المختلفة التي تتشارك هذه الفلسفة بنكهة خاصة لكلّ منها والتي تقدّم كلّ منها قبيلة دعم حياتي لأفرادها وحاضنة ثقافية وفكرية واسعة تعمل على تقديم أسلوب جديد في الحياة مختلف عن العيش الرمادي الكئيب الذي يحكم حياة الكثيرين منا في ظلّ هذه الحضارة.

نراكم في البرية قريباً!

أضف تعليق